القيمة الاقتصادية لمياه الري واسترداد تكاليف إتاحة المياه للزراعة المروية المصرية

الملخص: ________________________________________________________________________________________________
• مجلة المصرية للبحوث الزراعية، مركز البحوث الزراعية، المجلد (96)، العدد الثاني، 2018.
________________________________________________________________________________________________
على الرغم من محدودية الموارد المائية المتاحة لجمهورية مصر العربية إلا أن القطاع الزراعي ما زال يستهلك ما يربو على 80% من المياه سنوياً، وما زالت كفاءة استخدام مياه الري متدنية، ويرجع ذلك إلى الإسراف في استخدام مياه الري، فضلاً عن زيادة حجم الفواقد المائية خلال منظومة الري السطحي المصري نتيجة تهالك منشآت شبكتي الري والصرف وحاجتهما للصيانة وإعادة التأهيل. وتتحمل الدولة كافة التكاليف الرأسمالية وهي تشمل تكاليف الاستهلاك (إهلاك المعدات والآلات الرأسمالية) وفوائد القروض، وتتحمل الدولة كذلك كافة تكاليف تشغيل وصيانة الشبكة المائية (مثل: الوقود، العمالة، الإصلاح والصيانة) لجميع القطاعات (ومن بينها قطاع الزراعة والري)، ومع تزايد هذه التكاليف فقد برزت أهمية توفير موارد مالية إضافية لتخفيف هذا العبء عن كاهل الدولة. ومن ثَمَّ فقد أصبح استرداد بعض تكاليف التشغيل والصيانة لشبكة الري يوفر التمويل اللازم لصيانة وإعادة تأهيل شبكتي الري والصرف ورفع كفاءتهما من جهة، كما أنه أحد أهم وسائل ترشيد استخدام الموارد المائية من جهةٍ أخرى، إذ أن عدم إدخال مياه الري في إطار المحاسبة الاقتصادية أدى إلى الإسراف في استخدامها.
وتحاول الدراسة الراهنة الإجابة عن تساؤلين هما: ماهي القيمة الاقتصادية لمياه الري؟ وكيف يؤثر استرداد بعض تكاليف إتاحة مياه الري (مشاركة المستخدمين في التكاليف) في مصر على استهلاك المياه وعلى العائد فوق التكاليف المتغيرة لأهم المحاصيل؟ ومن ثم فإن الدراسة الراهنة تستهدف تقدير تكاليف الري الحقلي لأهم المحاصيل بعينة الدراسة، وتقدير القيمة الاقتصادية لمياه الري، وكذا تحديد الطريقة المناسبة لاسترداد بعض تكاليف إتاحة مياه الري بمصر وقياس أثرها على استهلاك مياه الري وعلى العائد فوق التكاليف المتغيرة لأهم المحاصيل.
وقد اعتمدت الدراسة على نتائج استبيان تم بالموسم الزراعي 2016/2017 لعينة تضم 80 مزارعاً تم اختيارهم من قرية الستاموني بمحافظة الدقهلية. ولتحقيق أهداف الدراسة، فقد استخدمت طريقة البواقي لتقدير القيمة الاقتصادية للمياه المستخدمة في إنتاج أهم المحاصيل بمنطقة الدراسة (وهي: القمح، البرسيم المستديم، بنجر السكر، الأرز والذرة الشامية)، كما تم تقييم سياسة استرداد تكاليف مياه الري القائمة على المحاصيل من حيث تأثيرها على استهلاك مياه الري وعلى العائد فوق التكاليف المتغيرة لتلك المحاصيل. وقد اعتمدت الدراسة كذلك على استطلاع رأي عبر شبكة المعلومات الدولية حول إمكانية استرداد جزء من تكاليف التشغيل والصيانة لشبكة الري والطريقة المناسبة لمصر.
وأوضحت نتائج الدراسة الحاجة إلى توفير موارد مالية إضافية لصيانة وإعادة تأهيل ورفع كفاءة شبكتي الري والصرف وتخفيف هذا العبء عن ميزانية الدولة من خلال استرداد بعض تكاليف تشغيل وصيانة شبكة الري. وقد أشارت النتائج إلى أن تكاليف الري الحقلي (والتي تشمل تكاليف تشغيل وصيانة ماكينة الري من الوقود والزيوت والشحوم والعمالة وصيانة وإصلاح) لمحاصيل القمح، البرسيم المستديم، بنجر السكر، الأرز والذرة الشامية قد بلغت نحو 604، 833، 615، 1032 و825 جنيه/فدان على الترتيب. وقد تبين أن قيمة الناتج الحدي لمياه الري المستخدمة لمحاصيل القمح، البرسيم المستديم، بنجر السكر، الأرز والذرة الشامية قد بلغت نحو 1.32، 1.67، 1.47، 1.84 و0.38 جنيه/م3 على الترتيب. وبلغت إنتاجية مياه الري المستخدمة لهذه المحاصيل نحو 1.62، 8.17، 9.71، 0.79 و1.39 كجم/م3 على الترتيب.
وأشارت الدراسة إلى أن أهم طرق استرداد بعض تكاليف إتاحة المياه للزراع هي التقدير الحجمي وفقاً لكمية المياه المستخدمة (التقدير كقيمة موحدة لكل زراع المنطقة مع مراعاة مبدأ "القدرة على السداد" أو كقيمة متزايدة من خلال إتاحة حصة من المياه للزراع بقيمة منخفضة، ثم تزيد القيمة تدريجياً طبقاً لكميات المياه الإضافية المستخدمة أو كقيمة متناقصة حيث يبدأ تحصيل قيمة مرتفعة، ثم تخفض القيمة بعد استهلاك كمية من المياه) أو بالتقدير غير الحجمي للاسترداد (كقيمة موحدة وفقاً لوحدة المساحة الأرضية أو المحصولية (جنيه/فدان) أو وفقاً لنوع المحصول على أساس كمية المياه المستخدمة لكل محصول (جنيه/م3) أو وفقاً لجملة الإيرادات الكلية لكل المحاصيل التي يزرعها المزارع).
وقد تبين أن التقدير وفقاً لنوع المحصول هي أنسب الطرق لاسترداد بعض تكاليف إتاحة مياه الري بمصر. وتؤثر هذه الطريقة إيجابياً على سلوك الزراع نحو ترشيد استخدام المياه، حيث بلغ الوفر في كمية مياه الري المستخدمة بعينة الدراسة نتيجة تنفيذ هذه السياسة نحو 186، 524، 214، 903 و342 م3/فدان لمحاصيل القمح، البرسيم المستديم، بنجر السكر، الأرز والذرة الشامية على الترتيب. وهذا يُشير إلى أن تنفيذ هذه السياسة يحقق وفراً في مياه الري لا يقل عن نصف مليون متر مكعب في الأراضي القديمة بمحافظة الدقهلية. وقد ترتب على استرداد بعض تكاليف إتاحة مياه الري وفقاً لنوع المحصول انخفاض العائد فوق التكاليف المتغيرة لهذه المحاصيل بنحو 2.8، 11.3، 3.4، 14.4 و1.9% على الترتيب. ويرجع ذلك إلى ارتفاع إجمالي تكاليف الري الحقلي بمقدار تعريفة مياه الري وفقاً لنوع المحصول.
لذا فإن الدراسة توصي باسترداد بعض تكاليف إتاحة مياه الري بهدف توفير التمويل اللازم لصيانة وإعادة تأهيل شبكتي الري والصرف ورفع كفاءتهما ومن ثَمَّ تخفيف هذا العبء عن موازنة الدولة وذلك بما لا يؤثر على الاستقرار الاجتماعي للزراع، مع ترشيد استخدام مياه الري. وتوصي الدراسة كذلك باتخاذ بعض التدابير قبل البدء في تنفيذ هذه السياسة في مصر، ومن بينها: تحسين قنوات الاتصال بين الزراع والإرشاد الزراعي وإمداد الزراع بالمعلومات الكافية حول المقننات المائية الموصى بها للمحاصيل، والتأثير الضار للري الزائد على كلٍ من: الإنتاجية والتربة، ودور روابط مستخدمي مياه الري، والتقنيات والممارسات التي من شأنها ترشيد استخدام المياه. وتوصي الدراسة كذلك بتنفيذ حملة توعية عامة حول أهداف ومتطلبات تنفيذ هذه السياسة. وتوصي الدراسة بالبدء التدريجي في تطبيق هذه السياسة على كبار المستثمرين وعلى المحاصيل النقدية وعلى المحاصيل كثيفة استخدام مياه الري في البداية قيل تعميمها، وكذا تعديل ضريبة الأطيان الحالية بحيث تشمل إضافة تعريفة مياه الري وربط هذه التعريفة بمنظومة الحيازة الإلكترونية والتي يطلق عليها "الكارت الذكي للفلاحين".
________________________________________________________________________________________________
عنوان الصفحة علي الويب
سنة النشر 2018
صفحات 787 - 813
مكان الإتاحة مكتبة معهد بحوث الاقتصاد الزراعي-7 ش نادى الصيد - مبنى الهيئات والشركات - الدقي- الجيزة (الدور الرابع)
رقم الإتاحة
أسم المركز
المدينة القاهرة
اسم الجريدة Egyptian Journal of Agricultural Research
موقع الانترنت
مؤلفين من مركز البحوث الزراعية
نوع المنشور دورية